لم يشوه التاريخ ديانة مثلما شوه الدين الأيزدي، فأغلب ما موجود في بطون الكتب، يشوبه الشك والريبة، ويطغى عليه روح الحقد والكراهية، بعيد كل البعد عن كل ما هو صادق وأمين. حتى بعض الأوراق النظيفة التي كتبت عنه فقد تم إحراقها أو إتلافها أو تزويرها. وما حدث للدين الأيزدي فقد حدث لرموزه مثل الشيخادي والشيخ حسن وغيرهم ممن يحضون بالتقديس والتبجيل والاحترام من قِبَل الأيزديين.
فالشيخادي وحسب هذا التاريخ الملفق والمزيف، (هو مسلم شافعي، وعربي أموي، جاء إلى لالش واتخذها زاويتا له لنشر الدعوة،واقبل عليه أهل المنطقة من كل حدب وصوب يعلنون إسلامهم على يديه،وبعد أن مات انحرف أتباعه وضلوا الطريق ودعوا إلى الشرك والظلام). وهل من عقلية إن لم تكن ساذجة تصدق هذا الفلم الهندي….وأين ومتى حصل عبر التاريخ(اقصد التاريخ الحقيقي) أن نجح شخص بإقناع جماعة ما ترك دينهم القديم واعتناق ديانته دون تهديد، حتى الهنود الحمر العراة الذين كانوا يعبدون الجواميس والنسور والذئاب لم يستطع الأوربيون المتحضرون إقناعهم وإرغامهم على اعتناق المسيحية فأبادوهم عن بكرة أبيهم ولم يبقى منهم إلا بقية باقية مازالت محتفظة بديانتهم القديمة.حتى الرسل والأنبياء وبالرغم من إنهم كان يحملون رسالة الله ومسلحون بحب الله لكنهم لقوا ما لاقوه على يد الناس من رفض وظلم واعتداء في مسيرة دعواهم إلى طريق الإيمان.
إذا كيف يعقل أن الشيخادي استطاع أقناع أهل هذه المنطقة الواسعة والتي كانت تشمل جزءا كبيرا من كردستان كي يعتنقوا الإسلام دون سيف أو رمح؟ ، أليس هذا غريبا ويدعوا إلى التأمل والتفكير، ويناقض تاريخ انتشار الأديان. إذاً ألا يمكننا أن نستنتج إن العكس هو الصحيح، وهو إن السبب الحقيقي الذي دعا الناس إلى الإقبال على الشيخادي والإيمان بمنهجه هو إنه كان (منهم وبيهم)، وان الشيخادي عندما رجع إلى لالش ارض آباءه وأجداده كان أيزديا ومعتنقا لديانة أهل المنطقة وكان كورديا ويعرف اللغة الكردية، ومعروفا لدى كبار رجال العشائر والطوائف في المنطقة حتى قبل مجيئه إلى لالش بل وكانوا في انتظاره، لأنه كان سليل الأسرة التي كانت تتزعم هذه العشائر والطوائف، وان أسرته قد تركت أو فرت من المنطقة نتيجة الهجمات المتكررة عليهم والتي أدت إلى تشردهم وفض شملهم والآن وقد زالت تلك القوة التي كانت تهددهم فرجع مع أسرته لإعادة شمل هذه العشائر والطوائف، وإعادة إحياء ديانتهم القديمة فاستقبله الناس بالترحيب وبايعوا هذه العائلة مجددا. إذاً فالشيخادي لم يكن مسلما بل كان أيزديا, ولم يكن شافعيا بل من طبقة شيوخ الأيزدية، ولم يكن عربيا بل ايزيدين، ولم يكن أمويا بل هكاريا.